حكاوي القهاوى
بانوراما البشر و موسوعة البنى آدمين
قهوة الثنائى
البداية كانت في قهوة الثنائي تقريباً سنة 1988 وقتها كنت في ثانية ثانوي و لسه باتعلم السجاير، كانت قهوة الثنائي بعيدة عن البيت و بالتالي ما حدش من أهلي أو من المنطقة هايشوفنى، كانت قهوة زكى أو قهوة الثنائي زي ما أطلقت عليها هي ملاذي خاصة يوم الجمعة عشان اعرف اشرب لي سيجارة و لا اثنين لأني وقتها ما كنتش مدخن قوى يعنى يادوب سيجارتين و يوم الجمعة فقط، على فكرة القهوة دى لا زالت موجودة بس للأسف الثنائي ما بقاش موجود، ليه بقى سميتها قهوة الثنائي ؟ لأنها كان فيها اثنين ابسط ما يقال عنهم انهم تحف بجد لانهم كانوا بيقولوا كلام جديد و غريب و بطريقة ارتجالية لدرجة انك ما تقدرش تمسك نفسك من الضحك و احسن من 100 لمبى و لمبى في طريقة كلامهم، عم سيد و عم محمود طول النهار يردوا على بعض و يفتعلوا خناقات و قفشات و لو تدخل زبون بينهم يتحولوا عليه و يسلخوه كلام و تريقة لحد ما يندم و يلوم نفسه انه اتدخل ، عم محمود كان بيشتغل في الأرضية يعنى بيوزع طلبات و عم سيد هو اللى ماسك النصبة يعنى هو اللى بيعمل المشاريب، و يا سلام بقى لو في ماتش للأهلي و الزمالك ، كانت الدنيا بتقوم من خناقاتهم لان محمود زملكاوى و سيد اهلاوى و كان محمود يرد على الكورة و اللعبة أو الجون من غير ما يشوفه و سيد واقف و ماسك الشيشة قدام النصبة و التليفزيون متعلق بجنب فوقه فهو اللى شاف اللعبة، و يبدأ الخناق و الزعيق طول الماتش و يجى محمود يقف شوية عشان يتفرج على لعبة و يقفل عينيه عشان يشوف كويس و يقعد يزعق و يقولك اهه اهه شايف اللعبة يلا بقى خش عليه اقطع ايوه و يعمل زى حسن شحاته و هو بيتابع لعبة خطرة و الغريب ان الكورة ما بتكونش خطرة و لا حاجة و لعب سلبى فى نص الملعب، و اول ما الاهلى يجيب جون كالعادة تلاقى كل رواد المقهى نطوا من فوق الكراسى و طاروا لفوق و معاهم عم سيد كمان يروح رامى الشيشة من ايده و يجرى على محمود اللى بيكون وقتها بيتمرغ فى الارض و يندب حظه ان الكورة دخلت و عم سيد فوقه و هاتك يا ضرب على طريقة الهنود الحمر و يقعد يلف حواليه و هو مقرفص و نايم على الارض ، و يقوم محمود الجزار و ده زبون زملكاوى و يلم الدور و يشخط فيهم و يرجع كل واحد لمكانه عشان نقعد نتفرج بقى لان الزمالك هايعوض، و ما فيش دقايق و تيجى كورة عادية للزمالك يضيعوها او لعيب يقع و يروح عم محمود فاطط لفوق و يقعد يشتم فى التحكيم و الكورة فى مصر و يلحقه عم سيد بسيل من الشتائم و الاتهامات انه ما بيشوفش و ما بيفهمش فى الكورة و احنا قاعدين هاتك يا مشاريب و العملية ماشية و اللى ما يعرفش حاجة يفتكر انهم أعداء، لحد ما يخلص الماتش و تلاقى عم محمود لقى الجو هدى و راح رايح جنب عم سيد و خد منه اللى بتاع الشيشة و هاتك يا ودودة و نم على صاحب القهوة كأنهم اصحاب و اخوات توائم و الناس تستغرب انتوا مش لسه كنتوا هاتموتوا بعض ؟ يبصوا لنا و ما يردوش، يحاول محمود الجزار يسخنهم تانى و هما يصدوه و كانهم ما يعرفوهوش ، و يمر الوقت عادى و الكل مستغرب و فجأة و بدون مقدمات يبدأ الشو تانى و هكذا، كأنهم ممثلين على مسرح و بيأدوا ادوارهم باقتدار و لكن بارتجال و بدون سيناريو، و قعدت على كده سنين و دخلت الكلية و بقيت مدخن رسمى و بقيت اخد على صاحبى معايا لدرجة انه انبهر منهم و بقى ليهم جمهور عندى فى الكلية من كتر اللى حكيته لاصحابى عنهم و عند على كمان فى كليته لدرجة ان قهوة الثنائى بقت مكاننا المفضل فى اى ماتش مهم، و مرت السنين و جت سنة رابعة كلية و اتغيرت القهوة و مات عم زكى صاحبها و مسك مكانه ابنه صابر او الشيخ صابر اللى كان دلوعة و ما يفهمش فى القهاوى غير لعب الدومينو مع الزباين على مشاريب او فلوس و فجأة بقى هو الريس و لانه مش ابن كار بدأ يخنق على الثنائى لحد ما زهقوا و سابوا القهوة ، رحت مرة كالعادة وقت ماتش و ما لقيتهمش و لقيت القهوة اتغيرت فى كل شئ حتى المشاريب ما بقاش ليها طعم و الكراسى كمان ما بقتش مريحة رغم انها احدث لانه طور فى شكل القهوة و ديكورها لكنها اصبحت مسخ و شئ غريب لدرجة انى قررت انى ابطل اروحها، و لان اجندتى فى المقاهى كبيرة جداً و ممتدة فقررت انى اغير المقر بتاعى و وقع الاختيار على قهوة عبد العزيز و ولده مصطفى خلف كلية الزراعة و قريبة من محطة القطار لكن طول الوقت كنت بادور على الثنائى و عايز اعرف راحوا فين لانهم وحشونى و اخيراً عرفت انهم راحوا قهوة على الطريق الزراعى ، سالت عنها و رحت لهم و الغريب انى رغم ان ما كانش لى كلام كثير معاهم بس عارفهم و يعرفونى ، هما كانوا بيقولوا لى يا استاذ و بعدين عرفوا اسمى و كانوا حافظين مشروباتى لدرجة انى كنت اروح و اقعد بس و هما يجيبوا المشروبات بالترتيب من غير ما اطلبها، المهم انهم اول ما شافونى خدونى بالاحضان و ما صدقوش انى جيت عشانهم مخصوص، و دى كانت حالة انسانية فريدة نشأت بينى و بين اثنين ما كنتش اعرفهم فى الاساس و لا اعرف اى حاجة عنهم غير انها عشرة سنين و معرفة مبنية على علاقة انسانية، كنت وقتها صغير و فرحان ان بقى لى صحاب زى دول لكن طبعاً مش هاقدر اروح المشوار ده عشان اقعد على القهوة و بطلت اروح قهوة الثنائى اللى اتغيرت و اتجهت لقهوة عبد العزيز اللى بقى ليها قصص و حكايات مع عمال القهوة برضه و كمان الزبائن
بانوراما البشر و موسوعة البنى آدمين
قهوة الثنائى
البداية كانت في قهوة الثنائي تقريباً سنة 1988 وقتها كنت في ثانية ثانوي و لسه باتعلم السجاير، كانت قهوة الثنائي بعيدة عن البيت و بالتالي ما حدش من أهلي أو من المنطقة هايشوفنى، كانت قهوة زكى أو قهوة الثنائي زي ما أطلقت عليها هي ملاذي خاصة يوم الجمعة عشان اعرف اشرب لي سيجارة و لا اثنين لأني وقتها ما كنتش مدخن قوى يعنى يادوب سيجارتين و يوم الجمعة فقط، على فكرة القهوة دى لا زالت موجودة بس للأسف الثنائي ما بقاش موجود، ليه بقى سميتها قهوة الثنائي ؟ لأنها كان فيها اثنين ابسط ما يقال عنهم انهم تحف بجد لانهم كانوا بيقولوا كلام جديد و غريب و بطريقة ارتجالية لدرجة انك ما تقدرش تمسك نفسك من الضحك و احسن من 100 لمبى و لمبى في طريقة كلامهم، عم سيد و عم محمود طول النهار يردوا على بعض و يفتعلوا خناقات و قفشات و لو تدخل زبون بينهم يتحولوا عليه و يسلخوه كلام و تريقة لحد ما يندم و يلوم نفسه انه اتدخل ، عم محمود كان بيشتغل في الأرضية يعنى بيوزع طلبات و عم سيد هو اللى ماسك النصبة يعنى هو اللى بيعمل المشاريب، و يا سلام بقى لو في ماتش للأهلي و الزمالك ، كانت الدنيا بتقوم من خناقاتهم لان محمود زملكاوى و سيد اهلاوى و كان محمود يرد على الكورة و اللعبة أو الجون من غير ما يشوفه و سيد واقف و ماسك الشيشة قدام النصبة و التليفزيون متعلق بجنب فوقه فهو اللى شاف اللعبة، و يبدأ الخناق و الزعيق طول الماتش و يجى محمود يقف شوية عشان يتفرج على لعبة و يقفل عينيه عشان يشوف كويس و يقعد يزعق و يقولك اهه اهه شايف اللعبة يلا بقى خش عليه اقطع ايوه و يعمل زى حسن شحاته و هو بيتابع لعبة خطرة و الغريب ان الكورة ما بتكونش خطرة و لا حاجة و لعب سلبى فى نص الملعب، و اول ما الاهلى يجيب جون كالعادة تلاقى كل رواد المقهى نطوا من فوق الكراسى و طاروا لفوق و معاهم عم سيد كمان يروح رامى الشيشة من ايده و يجرى على محمود اللى بيكون وقتها بيتمرغ فى الارض و يندب حظه ان الكورة دخلت و عم سيد فوقه و هاتك يا ضرب على طريقة الهنود الحمر و يقعد يلف حواليه و هو مقرفص و نايم على الارض ، و يقوم محمود الجزار و ده زبون زملكاوى و يلم الدور و يشخط فيهم و يرجع كل واحد لمكانه عشان نقعد نتفرج بقى لان الزمالك هايعوض، و ما فيش دقايق و تيجى كورة عادية للزمالك يضيعوها او لعيب يقع و يروح عم محمود فاطط لفوق و يقعد يشتم فى التحكيم و الكورة فى مصر و يلحقه عم سيد بسيل من الشتائم و الاتهامات انه ما بيشوفش و ما بيفهمش فى الكورة و احنا قاعدين هاتك يا مشاريب و العملية ماشية و اللى ما يعرفش حاجة يفتكر انهم أعداء، لحد ما يخلص الماتش و تلاقى عم محمود لقى الجو هدى و راح رايح جنب عم سيد و خد منه اللى بتاع الشيشة و هاتك يا ودودة و نم على صاحب القهوة كأنهم اصحاب و اخوات توائم و الناس تستغرب انتوا مش لسه كنتوا هاتموتوا بعض ؟ يبصوا لنا و ما يردوش، يحاول محمود الجزار يسخنهم تانى و هما يصدوه و كانهم ما يعرفوهوش ، و يمر الوقت عادى و الكل مستغرب و فجأة و بدون مقدمات يبدأ الشو تانى و هكذا، كأنهم ممثلين على مسرح و بيأدوا ادوارهم باقتدار و لكن بارتجال و بدون سيناريو، و قعدت على كده سنين و دخلت الكلية و بقيت مدخن رسمى و بقيت اخد على صاحبى معايا لدرجة انه انبهر منهم و بقى ليهم جمهور عندى فى الكلية من كتر اللى حكيته لاصحابى عنهم و عند على كمان فى كليته لدرجة ان قهوة الثنائى بقت مكاننا المفضل فى اى ماتش مهم، و مرت السنين و جت سنة رابعة كلية و اتغيرت القهوة و مات عم زكى صاحبها و مسك مكانه ابنه صابر او الشيخ صابر اللى كان دلوعة و ما يفهمش فى القهاوى غير لعب الدومينو مع الزباين على مشاريب او فلوس و فجأة بقى هو الريس و لانه مش ابن كار بدأ يخنق على الثنائى لحد ما زهقوا و سابوا القهوة ، رحت مرة كالعادة وقت ماتش و ما لقيتهمش و لقيت القهوة اتغيرت فى كل شئ حتى المشاريب ما بقاش ليها طعم و الكراسى كمان ما بقتش مريحة رغم انها احدث لانه طور فى شكل القهوة و ديكورها لكنها اصبحت مسخ و شئ غريب لدرجة انى قررت انى ابطل اروحها، و لان اجندتى فى المقاهى كبيرة جداً و ممتدة فقررت انى اغير المقر بتاعى و وقع الاختيار على قهوة عبد العزيز و ولده مصطفى خلف كلية الزراعة و قريبة من محطة القطار لكن طول الوقت كنت بادور على الثنائى و عايز اعرف راحوا فين لانهم وحشونى و اخيراً عرفت انهم راحوا قهوة على الطريق الزراعى ، سالت عنها و رحت لهم و الغريب انى رغم ان ما كانش لى كلام كثير معاهم بس عارفهم و يعرفونى ، هما كانوا بيقولوا لى يا استاذ و بعدين عرفوا اسمى و كانوا حافظين مشروباتى لدرجة انى كنت اروح و اقعد بس و هما يجيبوا المشروبات بالترتيب من غير ما اطلبها، المهم انهم اول ما شافونى خدونى بالاحضان و ما صدقوش انى جيت عشانهم مخصوص، و دى كانت حالة انسانية فريدة نشأت بينى و بين اثنين ما كنتش اعرفهم فى الاساس و لا اعرف اى حاجة عنهم غير انها عشرة سنين و معرفة مبنية على علاقة انسانية، كنت وقتها صغير و فرحان ان بقى لى صحاب زى دول لكن طبعاً مش هاقدر اروح المشوار ده عشان اقعد على القهوة و بطلت اروح قهوة الثنائى اللى اتغيرت و اتجهت لقهوة عبد العزيز اللى بقى ليها قصص و حكايات مع عمال القهوة برضه و كمان الزبائن
8 comments:
المصري أفندي :
تحياتي .
ذكريات شرخ شبابك ، إنها مرحلة رائعة في تاريخ كل فرد ، وواضح إن لك علاقات إنسانية كثيرة ونصيحة حاول أن تقلع عن التدخين من أجل صحتك ..
//
العلاقات الانسانية هو ما يجمع البشر وتغرس القيم والمبادئ داخل الأنفس كما إنا تزيل أي خلاف بين البشر تماما كما كان بين الثنائي .
تحياتي لك
تقبل مروري وسعيد بقراءة قبس من ذكرياتك .
العلاقات الإنسانية والإحترام والود المتبادل كنز لا يفنى
مش عارفه مش بعرف اتقبل موضوع التدخين و لا فكرة القهاوى
اسلوب كتابتك شيق
IMSA
فعلاً العلاقات الانسانية هى الأساس ، صحيح بقت قليلة اليومين دول لكنها موجودة و الحمد لله انا عن نفسى باتعامل و باعرف اى حد بشكل انسانى لاننا بشر، و شكراً على تعليقك
تحياتى
Desert Cat
العلاقات الانسانية هى كنز الكنوز و هى اللى بتفرق الانسان عن اى مخلوق آخر
Tears
انا باحاول ابطل التدخين لكن وقتها ما كنتش مدخن لانى كنت باشرب سيجارتين كل اسبوع، لكن ذكرى القهوة و حكايات البشر كانت مبهرة او يمكن انا كنت باشوفها من زاوية تانية، و على فكرة انا باتكلم عن قهاوى مختلفة و بقت قليلة اليومين دول لكن باعرف اماكنها كلها ، انا باتكلم عن قهاوى زى قهوة السماحى فى ليالى الحلمية و هى دى مواصفات قهوتى المفضلة، انا باعتبر القهوة العادية بانوراما البشر و موسوعة البنى آدمين
شكراً على اعجابك باسلوبى
تحياتى
انا اول مرة اشوف مدونتك و عجبنى اسلوبك و سردك للقصص و الحكايات و المواقف بس مش متفق معاك فى صورة جمال عبدالناصر و تقول عليه مدمر مصر الحديثة لان الراجل كان ليه حسناته و عيوبه
تقبل تحياتى و اتمنى لك مزيد من التوفيق و النجاح
امجد عزيز
امجد عزيز
اشكرك على اعجابك بالاسلوب و شكرا على زيارتك و متابعتك لمدونتى المتواضعة، اما بالنسبة لعبد الناصر او مدمر مصر الحديثة كما احب ان اطلق عليه فهى وجهات نظر و لك مطلق الحرية فى الاختلاف و لكن ما ذكرته من حسنات و عيوب ينطبق على حاكم شرعى و ليس حاكم متآمر وصل للسلطة بانقلاب عسكرى ثم دمر البنية الاجتماعية و الاقتصادية لمجتمع مدنى ناشئ و ها نحن نعانى الان من عبثه فى المجتمع اجتماعيا و سياسيا و ثقافيا،
تحياتى لك مرة اخرى
إرسال تعليق